تزايدت وتيرة الخلافات الداخلية بشأن منح التزكيات الحزبية على بعد أسابيع من الانتخابات التشريعية والجماعية، بسبب تباين وجهات النظر بين القيادات المركزية والمحلية إزاء المحطات المقبلة، الأمر الذي دفع بعض السياسيين إلى الاحتجاج علناً على التسيير الحزبي القائم، فيما فضّل آخرون تقديم الاستقالة من التنظيمات الوطنية.
وسلّط الصراع الحالي حول التزكيات الانتخابية الضوء على إشكالية الديمقراطية الداخلية، خاصة في ظل الجدل المتكرر المرتبط بإدماج الكفاءات في العمل الحزبي، عوض البحث عن الأعيان فقط، وهو ما اعتبرته فعاليات جامعية مساهمة في “تأزيم” الوضعية السياسية للأحزاب.
“ظاهرة العائلوقراطية”
في هذا السياق، قال رشيد لزرق، الخبير الدستوري وأستاذ القانون، إن “الصراع حول التزكيات يؤكد أننا لم نبلغ بعد أحزاب المؤسسات؛ فإذا كان دستور 2011 رامَ تحقيق المأسسة في جميع الأمور وتقوية المؤسسات فإن العمود الفقري للديمقراطية هو الأحزاب السياسية، التي مازالت عبارة عن أحزاب أفراد لا غير”.
وأضاف لزرق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأحزاب أصبحت تشتغل بمنطق توريث الدوائر الانتخابية، حتى برز لنا ما قد يسمى العائلوقراطية، إذ يُورّث الزعامات دوائرهم للأبناء، ما يظهر أن الأحزاب لم تكن تشتغل بشكل جماعي في السنوات الخمس الماضية”.
وتابع الباحث الدستوري بأن “حزب العدالة والتنمية بدوره يعرف صراعات داخلية حول التزكيات؛ لعل نموذجها يتمثل في شخص أمينة ماء العينين التي طردت بشكل مبطن من الحزب، الذي لم يستطع القيام بذلك بعد بروز النقاش المتعلق بالحريات الفردية، لأن تلك الخطوة كانت ستطرح على التنظيم موقفه الرسمي حيال الحريات الفردية في ظرف إقليمي غير مستعد فيه”.
تهميش الكفاءات
من جانبه، لفت عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى أن “صراع التزكيات عادي لو كان صراعا ديمقراطياً حول البرامج والكفاءات، لأنه يقوي العمل الحزبي، على أساس أن السياسة هي الصراع في الأصل، ولا يمكن حصرها في التوافقات فقط”.
وأوضح العلام، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإشكال يطرح حينما يتعلق بمن يدفع أكثر للقيادة من أجل نيل التزكية الانتخابية، إذ يتم تهميش الكفاءات مقابل البحث عن الأعيان والكائنات السياسية”، موردا أن “هذا النوع من الصراع يخلق الأزمة داخل الأحزاب، ويضعف قدرتها على الاستقطاب”.
وأشار الباحث الجامعي إلى أن “المواطن لمّا يرى أطرا وكفاءات قوية يتم تهميشها، مقابل شخص لديه أموال كثيرة أو قبيلة، فإنه يفقد الثقة في العمل الحزبي، لكن دون إغفال أن الأحزاب تحتاج إلى المزاوجة بين الكفاءات والأشخاص القادرين على الفوز بالمقاعد”.
The post صراع المواقع الانتخابية يسائل الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
المصدر : هسبريس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق