“الفقيه لي نتسناو براكتو دخل الجامع ببلغتو”، هكذا يقول المثل الشعبي المغربي، وهكذا هو واقع الحال بالتجمعات الانتخابية التي ينظمها مرشحو الأحزاب السياسية للغرف المهنية، ولا تحترم التدابير الصحية الموصى بها في إطار مواجهة انتشار فيروس كورونا.
وحسب ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية فإن معظم الحملات التي يقوم بها مرشحو الأحزاب السياسية لانتخابات الغرف المهنية تشهد غياب احترام التدابير الصحية، من خلال تجمعات كبيرة للمرشحين وأنصارهم، وغياب واضح لاستعمال الكمامات من لدنهم.
واعتبر عدد من المتابعين أن هذا السلوك الذي يقوم به مرشحو الغرف المهنية، في غياب تأطير من لدن الأحزاب السياسية، من شأنه أن يسهم في نشر فيروس كورونا في صفوف المواطنين.
ولفت في هذا الصدد الباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي إلى أن المفروض في مرشحي الأحزاب وأعضائها احترام التدابير الصحية، وأن يكونوا قدوة لباقي المواطنين الذين تطالبهم السلطات بالتقيد بالإجراءات الاحترازية.
وشدد حمضي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن هؤلاء المرشحين الذين لا يحترمون تلك التدابير “يساهمون في انتشار فيروس كوفيد 19، وفي مزيد من الوفيات، ويدفعون البلاد إلى مزيد من التشديد والإغلاق”، موضحا أن المفروض في هذه الأحزاب “المساهمة في تحسيس المجتمع وتوعيته ومساعدته على احترام القانون والتدابير الصحية، لا أن تعطي المثال السيئ للمواطن”.
وتابع الخبير حمضي تصريحه بالتأكيد على أن “الأحزاب يجب أن تساهم في المعركة ضد كورونا، ليس عبر بلاغات، وإنما بدعوة منخرطيها ومرشحيها بمختلف المناطق إلى مساعدة السلطات في مواجهة الجائحة”.
واعتبر الخبير في السياسات والنظم الصحية أن “استمرار الأحزاب ومرشحيها في الغرف المهنية في نهج هذا السلوك، وعدم احترام القواعد الصحية الموصى بها، لن يدفع السلطات سوى إلى تقييد الحملات في المحطات الانتخابية المقبلة (الجماعية، التشريعية)، حيث ستلجأ إلى حماية المواطنين من الفيروس عبر ضبط هذه الحملات”.
من جهته، أكد الباحث في قانون الأحزاب الدكتور رشيد لزرق أن المغرب حسم مقاربته التدبيرية للجائحة من خلال إعلان الملك محمد السادس أن صحة المواطن تحظى بالأولوية الفضلى؛ “وبالتالي فإن تنظيم الانتخابات ينبغي أن يكون في ظل الاحترام الصارم والوفاء والالتزام بأحكام الدستور المنصوص عليها في الفصلين 20 و21”.
ودعا الباحث رشيد لرزق إلى عدم تحويل الحملات الانتخابية بمناسبة الاستحقاقات المهنية إلى “بؤرة انتخابوية منذرة بخطر النكسة الوبائية الكبرى، وعدم جعلها فرصة للدوس على القانون وهيبته”.
وأوضح لرزق، في تصريحه للجريدة، أن الحكومة من خلال وزارة الداخلية “مسؤولة قبل ذلك عن احترام مبدأ المساواة في تنفيذ قانون الطوارئ الصحي، لذا ينبغي على رئيس الحكومة تفعيل القانون، وألا تتحول الحملات الانتخابية إلى وضع استثناء، لأن ذلك يضرب مفهوم سيادة القانون”.
وسجل المتحدث نفسه ظهور ما أسماها مظاهر “السيبة الانتخابوية”، التي “كشفت عيوب التمييز والانتقائية السياسوية اللادستورية”، وأشار في هذا الصدد إلى أن الأحزاب “تمردت على التدابير الوقائية دون أن يتم إعمال القانون في مراقبة مدى امتثالها لقانون الطوارئ، وكذا للبروتوكول الصحي الرامي إلى تفادي الكارثة الصحية وانتشار الفيروس”.
وبعدما أشار إلى أن الانتخابات المهنية تعد محطة تعطي مؤشرات على مدى قدرة المملكة على تجاوز غمة الجائحة بتنظيم الانتخابات دون التسبب في موجة رابعة من انتشار عدوى الفيروس، شدد لزرق على أن وزارة الداخلية مُطالبة بالتحرر من ضغوط الأحزاب “وألا تضع المصالح الحزْبَوِية فوق المصلحة الصحية العامة”.
وأكد الباحث ذاته في هذا السياق أن “الداخلية مطالبة بالتصرف كمؤسسة محايدة حزبيا، عبر تيسير تطبيق القاعدة القانونية، وإلزام المرشحين والناخبين بتطبيق النظام الاحترازي على حد سواء، بارتداء الكمامات بشكل سليم خلال التجمعات الانتخابية، واحترام مسافة التباعد الجسدي بالنسبة للطوابير قبل دخول القاعة يوم الاقتراع”.
The post هل تمنع السلطات إقامة الأنشطة الحزبية بسبب تفشي جائحة "كورونا"؟ appeared first on Hespress - هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
المصدر : هسبريس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق